الأمن المائي…. الرئيس تبون يكسب الرهان

فضيلة_ن

 

انطلقت الجزائر برؤية دقيقة وبشكل حاسم لتكرس أمنها المائي، مستغلة مختلف الإمكانيات المتاحة، ومركزة على سياسة متبصرة وتعليمات صارمة لرئيس الجمهورية، وأدركت بشكل مبكر أهمية هذا المورد الاستراتيجي، وتقدمت بشكل محرز في مسار تأمين مستقبل مستدام للمياه، في ظل تجدد هاجس التغير المناخي الذي يمثل تحديا لا يستهان به في وجه جميع بلدان العالم. واعتمدت في مشروعها العملاق عقب استلام ثلاث محطة تحلية المياه على أيادي جزائرية وتكنولوجيا متطورة، وبإشراف من مجمع سونطراك وشركة كوسيدار، في تجربة وصفت بالتاريخية والفريدة من نوعها، حيث أثارت الاهتمام بالنظر إلى أهميتها وباستثمارات ضخمة ستؤمن المياه للأجيال القادمة.

جاء خيار الجزائر بتعميم الاستثمار في محطات تحلية مياه البحر على مستوى الشريط الساحلي، كخطة احترازية ناجعة، أمر بها رئيس الجمهورية، حرصا على تكريس الأمن المائي، وبفضل التخطيط الذكي والاستشرافي، يمكن القول أن الجزائر تشهد ثورة عميقة في قطاع الموارد المائية، وقصة النجاح التي بدأت ملامحها ترتسم، انطلقت عقب إنشاء مخطط استعجالي يهدف للحفاظ على الثروة الزرقاء، من أجل تحريك مختلف المشاريع المتوقفة وإطلاق العديد منها، ويأتي انخراط مجمع سونطراك، العملاق الطاقوي القاري في بناء وإنجاز محطات تحلية مياه البحر، ليمثل صمام أمام ويعكس حرص الإرادة العليا في البلاد على تأمين مياه وغذاء الجزائريين بسواعد جزائرية وموارد محلية متاحة تحتاج إلى تسيير جيد واستغلال ذكي.

بدأت تجربة الجزائر في الرفع من قدراتها المائية ومواجهة أي أزمات مناخية قد تعصف بالمنطقة، بتبنيها لخيار استغلال تحلية مياه البحر، بالنظر إلى طول شريطها الساحلي لتعزيز ومضاعفة مواردها مستثمرة بذلك في جميع حلول المياه وأطلقت مشاريع ضخمة، وبدأت نتائج إستراتجيتها المجسدة ترى النور في “الجزائر المنتصرة”، ولعل الانجاز التاريخي اللافت، تجسد بتدشين أكبر محطة تحلية لمياه البحر و الكائنة بالرأس الأبيض في ولاية وهران، وأنجزت هذه المحطة في ظرف قياسي لا يتعدى 26 شهرا، علما أن طاقتها الإنتاجية بلغت 300,000 متر مكعب يوميا، بأحدث التقنيات التكنولوجية وأنجزت بخبرة جزائرية وبنسبة إدماج معتبرة. و إلى جانب تدشين مصنع تحلية مياه البحر بولاية تيبازة “فوكة 2” بطاقته انتاجية 300 ألف متر مكعب يوميا. ومؤخرا دشن بالموازاة مع ذلك مصنع تحلية مياه البحر ” كدية الدراوش” الكائن ببلدية بريحان ولاية الطارف بطاقة إنتاجية تقدر بـ 300 مليون لتر يوميا، وبهذه المشاريع التي دخلت الخدمة في تأمين الماء الشروب للمواطنيين بمناطق الوسط والغرب والشرق، من ضمن مشروع إنجاز 5 محطات تحلية البحر، تكون الجزائر قد برهنت أنها تبنت الخيارات الصحيحة، وأكدت بذلك على قدرات موردها البشري، خاصة في ظل التشجيع القائم على الابتكار في هذا المجال، لأن الاستقلالية المائية بدأت تتحقق ومرشحة لبلوغ مستويات أعلى بفضل القيادة الحكيمة لرئيس الجمهورية وحرصه الكبير لوضع الجزائر في مأمن وأريحية في جميع المجالات، جاعلا التخطيط الصحيح والتجسيد الاحترافي أساس التطوير لمختلف المشاريع الحيوية

يذكر أن الجزائر تتطلع من أجل الوصول إلى مستوى 60 في المائة من المياه المحلاة في آفاق 2030، وهذا ما يجعلها في مأمن وصامدة في وجه تقلبات المناخ، ولن تواجه مستقبلا أي نقص في هذه المادة الحيوية حسب تقديرات خبراء أجانب ومحليين، وهذه المشاريع الجديدة من محطات التحلية، يمكنها أن توفر أكثر من الـ40 بالمائة لتلبية الطلب الداخلي. كما أنه بفضل انخراط سونطراك في هذه المشاريع، فإن الجزائر ستكون قادرة على تطوير شبكة محطات تحلية المياه وتصدير خبرتها للعديد من البلدان مستقبلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *