الرئيس المدير العام لسونطراك: الموعد الطاقوي الهام يكتسي أهمية بالغة في الاقصاد الوطني

المنظار نيوز

بقلم سارة علالي 

 

أكد المدير العام لمجمع سوناطراك اليوم من وهران ان هذا الموعد الطاقوي والبيئي  بات يكتسي أهمية بالغة، بالنظر للقضايا التي يتناولها، والإشكاليات التي يتصدّى لها، فضلا عن التحديات التي يسعى إلى مواجهتها، والفرص التي يسعى إلى استكشافها.

كما أضاف المدير العام لسونطراك لقد اخترتم لمعرض ومؤتمر هذه الطبعة شعاراً جامعاً ومعبّراً يتمثل في ” تسريع الولوج إلى طاقة الغد والوصول إلى مزيج طاقوي فعال بفضل الشراكة والاستثمار والابتكار والتكنولوجيا “.

إن هذا الشعار الذي يجسد، عمليا، طموحا مشتركا نتطلّع جميعا لبلوغه، يتضمن أربع مرتكزات أساسية ومترابطة فيما بينها، إذْ يتعلق الأمر في المقام الأول بالشراكة كوسيلة لا غنى عنها لتكامل الجهود وتبادل الخبرات، ويتعلق الأمر في المقام الثاني بالاستثمار بوصفه رافعة لدفع المشاريع وتجسيد الطموحات، أما في المقام الثالث فيتعلق الأمر بالابتكار كقوة محرّكة للتجديد والتطور، وأخيراً يتعلق الأمر في المقام الرابع بالتكنولوجيا كأداة لتسريع وتيرة التّحول وضمان النجاعة والفعالية.

ومن هذا المنظور، فإنّه لم يعد اليوم الحديث عن الطاقة، في ظل التغيرات العميقة التي يشهدها العالم من حولنا، مقتصراً على وفرتها أو أسعارها، فحسب، بل أصبح رهيناً أيضاً بالقدرة على جعلها نظيفة، وآمنة، ومستدامة. وهنا يبرز دور التكنولوجيا الحديثة، التي فتحت أمامنا آفاقاً رحبة لإعادة تصور أساليب الإنتاج وأنماط الاستهلاك.

وفي هذا الصدد، فقد باتت الرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة لمعالجة البيانات، عوامل أساسية لترشيد العمليات وتحسين مردودية الاستغلال الطاقي. كما أنّ تقنيات التقاط ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه واستعماله أصبحت اليوم محور اهتمام رئيسي في صناعة الطاقة، الشيء الذي من شأنه فتح آفاق حقيقية نحو تخفيض ملموس للبصمة الكربونية، في ظل ضمان استمرارية الموارد الطاقية التقليدية.

كما أكد الرئيس المدير العام لسونطراك لا بدّ أنْ نؤكد، بهذا الخصوص، على أهمية الاستثمار في تقليص انبعاثات الميثان، باعتباره أحد الغازات ذات الأثر الكبير في ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي هذا السياق، أودّ الإشارة إلى أنّ سوناطراك جعلت من هذا الهدف محوراً رئيسياً ضمن استراتيجيتها البيئية، انسجاماً مع السياسة الجديدة للمناخ التي اعتمدناها، والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، من جهة، والحدّ من الآثار السلبية المترتبة عن التغيرات المناخية، من جهة أخرى.

أما في مجال الغاز الطبيعي، فقد أثبتت سوناطراك قدرتها على أنْ تكون مزوّداً آمناً وموثوقاً للأسواق العالمية، حيث أننا نعتقد أن الغاز الطبيعي، بوصفه أكثر الطاقات الأحفورية نظافة وأقلّها تلويثا مقارنة بالفحم أو النفط، ما زال يحتفظ بمكانته كطاقة انتقالية أساسية، توفّر مرونة عالية وتَدْعم بشكل فعّال إدماج الطاقات المتجددة في الشبكات الطاقية.

إنّ المزيج الطاقي الذي نتطلّع إلى تكريسه يقوم على مبدأ التوازن بين الحاضر والمستقبل: الحاضر بما يوفّره الغاز الطبيعي والنفط من دور محوري في تلبية الطلب عل الصعيد العالمي، ومن ثمّة ضمان أمن الطاقة، والمستقبل بما يحمله من رهانات مرتبطة بالطاقات الجديدة والمتجددة، كالهيدروجين، وخاصة الأخضر منه، والطاقة الشمسية، والتي تظل خياراً استراتيجياً لتحقيق الانتقال الطاقوي المنشود. إنّ هذا التوازن كفيل بأن يضمن مساراً انتقالياً، تدريجياً وواقعياً، يأخذ بعين الاعتبار احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومتطلبات حماية البيئة على حد سواء.

أنتهز هذه السانحة لأذكّر بمذكرة التفاهم الهامة التي تم توقيعها، في هذا المكان بالذات، في 14 أكتوبر 2024 بين مجمعي سوناطراك وسونلغاز من الجزائر، وشركائنا الدوليين في.أن.جي من ألمانيا، وسنام وسي كوريدور من إيطاليا، وفيربوند ڨرين هيدروجين من النمسا، والتي تهدف إلى وضع أسس لتعاون مشترك بين الأطراف المعنية من أجل إنجاز الدراسات التقنية والاقتصادية عبر سلسلة القيمة الكاملة للهيدروجين، من الإنتاج إلى التوزيع.

وتَكمُن الغاية من ذلك في تقييم جدوى إقامة مشروع مدمج لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الجزائر وتصديره نحو أوروبا عبر محور الممر الجنوبي الثاني “ساوث 2 كوريدور”، في مسعى يشكّل نموذجا واقعيا لما يمكن أن يسفر عنه التعاون بين ضفتي المتوسط من نتائج باهرة، ويؤكد مكانة الجزائر كبلد موثوق في بناء مستقبل طاقوي مستدام.

لا يمكن الحديث عن مستقبل الطاقة دون التوقف عند القارةِ الإفريقية، تلك القارةُ الغنيةُ بمواردها، الفتيةُ بطاقاتها البشرية، الواعدةُ بمكانتها المستقبلية. إن تعزيز التعاون الإفريقي في مجال الطاقة يمثل بالنسبة لنا خياراً استراتيجياً، ليس فقط لتلبية الطلب الداخلي والخارجي، ولكن أيضاً لتعزيز التنمية المستدامة في بلداننا، وتقليص الفجوة في الوصول إلى الطاقة الحديثة والآمنة.

كما اكد ايضًا إنّ الجزائر، بحكم موقعها الجغرافي وخبرتها العريقة، تُعتبر جسراً طبيعياً بين إفريقيا وأوروبا، وتسعى دوماً، من خلال سوناطراك، لتعزيز تعاونها مع الدول الإفريقية إنْ في مجالات الاستكشاف والإنتاج وتطوير البنية التحتية الطاقوية أو في مجالات التكوين والبحث والابتكار، حيث عبّرنا بالفعل عن استعدادنا الدائم لتعميق الشراكات وتنويعها بهذا الخصوص.

على صعيد آخر، تظل دول حوض البحر الأبيض المتوسط شريكاً استراتيجياً لنا، بحكم العلاقات التاريخية المترابطة، والمصالح الطاقية المتشابكة، والمشاريع المشتركة ذات البعد الاستراتيجي طويل المدى. وفي هذا السياق فإن الجزائر، من خلال سوناطراك، تسعى لترسيخ مكانتها كمحور أساسي للأمن الطاقي في المنطقة المتوسطية، عبر تطوير مشاريع البنية التحتية، وتعزيز قدرات النقل والتخزين، وإقامة شراكات في مجالات البحث والابتكار، خاصة فيما يتعلق بالهيدروجين والطاقات الجديدة.

إنّنا في سوناطراك نؤمن بأن الحوار وتقاسم الرؤى وتبادل الخبرات والتجارب لا يقلّ أهمية عن الاستثمار والشراكة. ومن هذا المنطلق، سيشارك عدد من الخبراء والمختصين من سوناطراك في هذا المؤتمر بعدد من المداخلات العلمية والتقنية، التي ستسلط الضوء على تجربتنا، وتستعرض مشاريعنا، وتفتح باب النقاش مع نظرائهم من مختلف الشركاء والفاعلين المشاركين في هذا المؤتمر. وإننا نعتبر هذا التبادل هو بمثابة قيمة مضافة حقيقية تُسهم في إثراء الرؤى المشتركة وتوسيع آفاق التعاون.

 

 

شارك
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار