- سميرة بوجلطي
قال البروفيسور كمال جنوحات، أخصائي أمراض الحساسية، إن الودمة الوراثية مرض نادر وغير معروف بالشكل الكافي في الجزائر، مضيفًا أن الحالات المسجلة في البلاد لا تتجاوز حوالي 300 مريض، منها 24 حالة وفاة منذ اكتشاف المرض. مشيرا بان المرض يصعب تشخيصه في البداية، لأنه يتشابه مع بعض أمراض الحساسية الشائعة، ما يؤدي إلى تأخر العلاج وارتفاع المخاطر على حياة المرضى.
سارة بوسنة
وأوضح البروفيسور جنوحات قائلاً: “الودمة الوراثية تتميز بتورم مفاجئ في الجلد والمخاطيات، خصوصًا الوجه، اليدين، القدمين، والحلق. هذا التورم قد يكون مؤلمًا أحيانًا، لكنه الأكثر خطورة حين يمتد إلى الجهاز التنفسي، لأنه قد يؤدي إلى اختناق مفاجئ إن لم يتم التدخل الطبي بسرعة.” وأضاف أن هذا المرض مزمن وقد يبقى لدى المريض لسنوات طويلة، حيث يمكن أن تتكرر الأعراض على مدى 7 إلى 12 سنة أحيانًا، قبل الوصول إلى تشخيص دقيق.
أما عن أعراض المرض، فأوضح حنوحات: “المريض عادةً يشكو من تورمات مفاجئة غير مصحوبة بحكة، وغالبًا ما تصيب الوجه والشفاه، وفي بعض الحالات، البطن والمفاصل. هذه التورمات قد تستمر لساعات أو أيام، وتختفي تدريجيًا لكنها قد تعود بشكل مفاجئ في أي وقت. بعض المرضى يعانون أيضًا من آلام في البطن وإسهال، وهو ما يسبب ضعفًا عامًا عندهم.”
وحول صعوبة تشخيص المرض، قال البروفيسور: “أكثر ما يعقد الأمور هو تشابه الأعراض مع أمراض الحساسية الأخرى، مثل الحساسية الموسمية أو التورم الناتج عن الأدوية. لذلك نحن نعتمد على التحاليل البيولوجية المتخصصة التي تكشف عن نقص البروتين المانع للودمة الوراثية، وهي الطريقة الوحيدة للتأكد من المرض.” وأضاف: “في الجزائر، بدأنا منذ سنوات قليلة برامج تدريبية للأطباء في بعض الولايات مثل عنابة وبجاية، لتعليمهم كيفية التعرف على المرض وتشخيصه مبكرًا، لأن التشخيص المبكر قد ينقذ حياة المريض.”
وفيما يخص العلاج، أكد جنوحات أن الدواء الخاص بهذا المرض غير متوفر حاليًا في الجزائر، لكن مع إدراجه ضمن قائمة الأمراض النادرة، من المتوقع أن تقوم الدولة قريبًا باستيراد العلاج المخصص. وأوضح: “العلاج يعتمد أساسًا على الأدوية الخاصة بتثبيت البروتين المانع للودمة، والتي تمنع تفاقم التورمات وتحد من خطر اختناق المريض. وفي الحالات الطارئة، قد نضطر إلى التدخل الطبي العاجل باستخدام أدوية مساعدة تمنع المضاعفات، لكن الحل النهائي هو الدواء المستورد والمتوفر على نطاق واسع.”
وأشار البروفيسور جنوحات إلى أهمية التوعية المجتمعية والطبية: “نحن بحاجة لأن يعرف الجميع هذا المرض، ليس فقط الأطباء، بل العائلات أيضًا، لأن التورم المفاجئ قد يحدث في أي وقت، ويجب على المريض وعائلته معرفة علامات الخطر والتصرف السريع.” وأضاف أن المرضى الذين تم تدريبهم على مراقبة الأعراض والتصرف بشكل صحيح تمكنوا من تجنب المضاعفات الخطيرة، وهو ما يؤكد أن التكوين الطبي والتثقيف الصحي يشكلان عنصرًا حاسمًا في حماية حياة المرضى.
وفي الختام، شدد جنوحات على أن الودمة الوراثية مرض نادر لكنه خطير، وأن تصنيف الجزائر له ضمن الأمراض النادرة يمثل خطوة هامة لتأمين العلاج وإنقاذ حياة المرضى. وقال: “هدفنا هو أن يعيش كل مريض بأمان، وأن يحصل على العلاج المناسب فور التشخيص، وهذا يتطلب تعاون الأطباء، السلطات الصحية، والمجتمع كله.”
