بقلم سارة علالي
جدد وزير الطاقة والطاقات المتجددة مراد عجال مقاربة الجزائر لتطوير الطاقات الجديدة والمتجددة وكفاءة استخدام الطاقة من المجالات ذات الأولوية في الاستراتيجية الوطنية للطاقة، ويتجلى ذلك من خلال الهيكلة الجديدة التي عرفها قطاع الطاقة، والتي ستُمكّن وزارة الطاقة والطاقات المتجددة من تركيز جهودها على تسريع تحقيق الأهداف الوطنية المتعلقة بتنويع مواردنا الطاقوية الهامة، مع ضرورة تحقيق مزيج متوازن للطاقة يُوظّف جميع مصادر الطاقة المتاحة، لا سيما من خلال زيادة حصة الطاقات الجديدة والمتجددةعلى النحو الأمثل، وتحفيز الاستثمار وجذب رأس المال الخاص نحو التقنيات منخفضة الكربون.
ويجري العمل حاليًا على مشاريع ومقترحات جديدة تُركّز على تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار، وتطوير وتعزيز التعاون على المستويين القاري والإقليمي في مجالات التزود بالطاقة، والطاقات المتجددة، والهيدروجين ومشتقاته.
وفي إطار تنفيذ برنامج تطوير الطاقات المتجددة الذي أقره رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، تم بالفعل إطلاق مشاريع 3200 ميغاواط. حيث سيُمّكن تنفيذ هذا البرنامج، إضافة إلى توفير الغاز، من تحقيق تنمية صناعية على امتداد سلسلة القيمة، وبدء تطوير الهيدروجين الأخضر، وتصدير الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة، وتقليل بصمة الكربون.
ويهدف قطاعنا، من خلال شركة سونلغاز، إلى الحفاظ على مكانته الرائدة في مجال إنتاج الكهرباء، وقد استثمر بشكل كبير في تنفيذ مشاريع تطوير واسعة النطاق، لاسيما تعزيز الربط بين المناطق شمال جنوب لضمان أمن الإمداد بالطاقة وتخفيض التكاليف، وتحسين استقرار ومرونة الشبكة.
فيما يتعلق بالهيدروجين ومشتقاته، سيعمل قطاعنا على تطويره مع تسهيل ودعم مشاريع صناعية رائدة. وسيوفر هذا فرصًا هامة للنمو الاقتصادي والصناعة المستدامين والتوظيف على المستوى المحلي وعلى مستوى منطقة البحر الأبيض المتوسط، وذلك في إطار تنفيذ خارطة الطريق الوطنية لتطوير الهيدروجين، التي سيتم تنفيذها بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية.
لتحقيق ذلك، يتعين علينا العمل على تطوير أسواق مستدامة ومربحة من خلال وضع أطر مالية وتنظيمية مناسبة تراعي المتطلبات الوطنية، وإقامة شراكات استراتيجية للتحكم في سلسلة قيمة الهيدروجين بأكملها.
كما نشجع كل المبادرات التي من شأنها أن تسهم في تعزيز التكامل الوطني، ونشجع الشركات الوطنية العامة والخاصة على المشاركة الفعالة في تنفيذ مختلف المشاريع، وتصنيع المعدات والأجهزة التي تحتاجها صناعاتنا، وتوفير جميع أنواع الخدمات الضرورية.
إن النجاح في شق الطريق لمستقبل طاقوي منخفض الكربون، الذي يعد خيارا استراتيجيا أقرّه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، يتطلب منا العمل معا لإطلاق مشاريع هيكلية بهدف دعم إنشاء أسواق إقليمية للطاقة من خلال بنى تحتية لطاقة الهيدروجين وشبكات ربط طاقوية عابرة للحدود في ظل ظروف اقتصادية مواتية، وجذب الاستثمارات المرتبطة بها في قطاع الطاقة، وهو ما سيكون محوريًا في الجهود المبذولة لتحقيق أهداف المناخ والتنمية المستدامة.
وانطلاقًا من ذلك، تعمل الجزائر على تطوير وتعزيز البنى التحتية للطاقة من أجل ترسيخ مكانتها كمورد تاريخي موثوق ومضمون في مجال الطاقة على الساحة الإقليمية، سواء على صعيد القارة الافريقية أوالبحر الأبيض المتوسط، وكذلك الدولية، وتشجع بقوة الاستثمار في تنفيذ مشاريع مشتركة في هذا المجال.
وفي هذا السياق، نعمل حاليا على مواصلة المحادثات مع شركائنا بهدف تعزيز تبادل الكهرباء بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط ومشروع ”SoutH2 Corridor“ لنقل الهيدروجين.
بالإضافة إلى ذلك، مكنت الدورة الرابعة لمعرض التجارة الإفريقي التي عقدت بالجزائر في سبتمبر 2025، من تسليط الضوء على فرص الشراكة القارية بين الدول الإفريقية، وسمحت بتحديد العديد من مجالات التعاون، مع توقعات بتنفيذ العديد من المشاريع الهيكلية في مجال الطاقة يشارك في إنجازها مؤسسات القطاعين العام والخاص.
إن مجال الأمن الطاقوي يتصدر صميم التحديات الاقتصادية والتكنولوجية والبيئية التي يواجهها العالم اليوم. وإن ضمان الحصول على خدمات طاقوية موثوقة ومستدامة وحديثة هو أولويتنا من أجل إرساء أسس الاستقرار والازدهار المتبادل والمشترك المنشود في المنطقة.